أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، مؤخرا، مركبة فضائية تحمل المعدات اللازمة لإجراء تحديث لأول مختبر لفيزياء الكم في الفضاء "كولد أتوم لاب"، وذلك تحت إشراف العالم المغربي كمال الودغيري.
وأعلنت الوكالة أن مختبر "كولد أتوم لاب"، (مختبر الذرة الباردة)، يشتغل انطلاقا من موقعه بمحطة الفضاء الدولية منذ يوليوز 2018، ويقوم بتبريد الذرات إلى ما يقرب من الصفر المطلق، أي ناقص 459 درجة فهرنهايت، وهو أبرد من أي مكان آخر معروف في الكون الطبيعي.
من جهته، قال كمال الودغيري، المسؤول عن المشروع، في بيان صادر عن وكالة ناسا، "نأمل أن يكون مختبر (كولد أتوم لاب) بمثابة بداية حقيقية لحقبة ت ستخدم فيها الأدوات الكمية بانتظام في الفضاء"، مضيفا "من خلال (كولد أتوم لاب)، أظهرنا أن هذه الأدوات الكمية الدقيقة موثوقة وقابلة للتطوير في الفضاء. ونأمل أن يكون المختبر خطوة أولى لتعزيز مهمات فضائية أخرى متوقعة في المستقبل".
وأدى مجال فيزياء الكم إلى تطوير تقنيات مثل الليزر والترانزستورات (مكون رئيسي للهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر) والأقمار الصناعية لأنظمة الملاحة (جي بي إس) والأجهزة الطبية، كما سيسهم التقدم المستقبلي في هذا الميدان في تحسين الملاحة والاتصالات الفضائية.
إلى ذلك، قال جيسون ويليامز، العالم في مشروع مختبر (كولد أتوم لاب) بوكالة ناسا، إن "التجارب التي نجريها في مختبر (كولد أتوم لاب) ستسمح لنا يوما ما بقياس الجاذبية بدقة غير مسبوقة".
ويمكن الفهم الأفضل للجاذبية من إجراء قياس دقيق لتسارع أي مركبة فضائية، وهو ما يمكن استخدامه في الملاحة الفضائية عالية الدقة، كما يمكن استخدام مستشعرات كمية في مهمات فضائية لدراسة أسرار كونية مثل المادة المظلمة والطاقة المظلمة.
وتشكل المادة والطاقة المظلمتان 95 في المائة من الكون، لكن طبيعتها لا تزال لغزا كبيرا للعلماء، حيث تمثل المادة المظلمة ضمانة لتجانس المجرات، بينما تتسبب الطاقة المظلمة في توسع الكون.
وأبرزت الوكالة أنه تم تأهيل المختبر، المزود بقدرات تقنية عالية والمعد للاشتغال في أبرد بيئة في الكون، ليكون أكثر كفاءة من خلال تثبيت مقياس تداخل ذري قوي جديد.
وتقديرا للعمل الذي قاده العالم المغربي، منح المعهد الأمريكي للملاحة الجوية والفضائية جائزة علوم الفضاء لسنة 2020 لفريق "مختبر الذرة الباردة"، كما نال الفريق هذا التتويج نظير "الريادة التي أبان عنها في الأبحاث العلمية المبتكرة المرتبطة بالبعثات العلمية الفضائية، حيث عمل على تطوير وتسليم المختبر المبتكر للغاية للذرات الباردة لمحطة الفضاء الدولية، فضلا عن إنجازاته العلمية الرائدة".
كمال الودغيري، الذي يمتد مساره المهني بوكالة "ناسا" إلى عقدين، لعب دورا رئيسيا في العديد من المهمات الفضائية، وخاصة تلك المتعلقة بالمعدات الاستكشافية للمريخ، "كيريوزيتي"، "روفرز"، "سبيريت"، و"أوبورتينيتي"، والمهمة الدولية "كاسيني" التي استهدفت كوكب زحل، ومهمة القمر "غرايل"، ومهمة "جونو" التي همت كوكب المشتري.